في غيْرِك مثلِك

بدأتُ البحث عن عدنان. لم أتوقّع أن تتحوّل هذه العملية إلى مسار شاق، طويل مفتوح إلى ما لا نهاية .. لم أتوقّع ، بعد انقضاء حوالي الشهر من الركض بحثاً عن زوجي ، أن أجدَ نفسي أفتش عن المئات بل عن الآلاف الذين خُطفوا مثله..!!

قمتُ بجملة مراجعات ووساطات بمفردي، وأحياناً عبر وسطاء من ذوي النفوذ أو"الأيدي الطايلة" وقتذاك. بعضها بلغ مستويات عالية، أذكر منها الرئيس الياس سركيس في بداية نهاية ولايته في القصر الجمهوري، رئيس الحكومة، شفيق الوزان، مفتي الجمهورية اللبنانية، الشيخ حسن خالد، القائد الفلسطيني أبو عمار، السفارتين الفرنسية والروسية. لم يسفر ذلك عن العثور على عدنان، ولا عن إقرار أي جهة رسمية أو حزبية أو ميليشيوية بمسؤوليتها عن خطفه وإخفائه..! ما تلقّيته كان، إضافة إلى تشكيلة من العواطف الجامدة الملّونة بكلمات تحسر وشفقة على حظّي البائس وأنا في عزّ الصبا، عبارةً  واحدة تكرّرتْ على مسامعي ممّن تسنى لي مقابلتهم من المسؤولين "هناك غيركِ  مَن جاؤوا يشكون حالات مماثلة لحالتكِ".. إلاّ  أن مسؤولاً واحداً لم  يُفدْني باسم مخطوف واحد، بالتأكيد ليس ضناً بذلك بل لأنه لم يهتم بحفظ أو تسجيل أي اسم ممن راجعه أهاليهم بشأنهم. يبدو أن الناس، بنظر هؤلاء المسؤولين، ليسوا أكثر من أرقام في ذلك الزمن الرديء، بل في كل الأزمنة كما  خبرتُ  ذلك  لاحقاً وبالملموس.

فكّرت، فقررّت أن أجد بنفسي امرأة أو اثنتين من اللواتي بُلين مثلي بفقدان شخص عزيز. الخطّة التي رسمتها في رأسي كانت أن أعاودَ تكرارَ كل ما قمتُ وأقوم به من مراجعات واحتجاجات ومناشدات وتنظيم عرائض، لأجل إطلاق سراح عدنان، وتحويله إلى المطالبة بإطلاق سراح مَن فقدتْ هاتان السيدتان المُستهدفتان. كنتُ مقتنعة أني إذا نجحتُ بذلك، سنكّون معاً حلقةً أقوى، سيتضاعفُ ضغطَنا على المسؤولين، فيُجبرون على التعامل بجدية أكثر مع موضوع بات يطال مجموعةً لا شخصاً واحداً..