"لشو أنت رئيس"؟

استقبلنا الرئيس الوزّان بودّ مصحوب بعلامات تأثّر مرسومة على الوجه. حاول الظهور بمظهر مَن لا شأن له ولا علم  بالمعركة التي خاضها العسكر ضدنا على بعد أمتار من حصنه.. لا أدري إذا كان وجودي في عداد الوفد، قد أراحه ومهّد لمبادرته بالكلام عن مدى إلمامه بالموضوع وتألمّه. بدا ذلك عبر توجيهه الكلام إليّ موظّفاً  لقائي السابق به والرسالة التي أرسلتها له بشأن اختطاف زوجي.. استأذنته مقاطعة بأن المسألة لم تعد تنحصر بـ "عدنان" وحده، وأن لكل سيدة من الموجودات "عدنانها"، وأننا لسنا سوى عيّنة عن المئات من الأمهات والزوجات اللواتي منعهن الجيش، منذ قليل، من المجيء معنا للقائه.. تثبيتاً لما أقول طلبتُ من كل سيدة أن تعرّف الرئيس بقضيتها... هكذا أُحرج الرئيس واضطر إلى الإصغاء لثماني أو تسع حالات لأشخاص خطفوا من داخل بيوتهم، أو من على حواجز المسلحين، أو خرجوا إلى أعمالهم ولم يعودوا..

عاودت علامات التأثر ارتسامها على ملامح الرئيس وذلك على وقع المآسي التي سُردت، والدموع التي ذُرفت.. نطق بكمّ من العواطف لدرجة أوشكنا على تطييب خاطره والتخفيف عنه، جاهر بأحقّية مطلبنا واعداً ببذل كل جهوده لمساعدتنا وفكّ أسر أحبائنا ..

 عندما سألته عما سيقوم به ترجمة لذلك، انقلب الموقف و تلبّد الجو..! بدأ  يتحدث عن عجزه، عن ضعف الدولة بكافة أجهزتها، عن انعدام هيبتها، عن تراجع نفوذها أمام  سلطة ونفوذ الميليشيات وقوى الأمر الواقع المهيمنة على البلاد مستعيناً بمثل شعبي "العين بصيرة واليد قصيرة يا بنتي". فما كان من سيدة بيننا إلا أن قاطعته  ناهرة بأعلى صوتها "وليييييـ...لـ شو إنت رئيس؟" ، استقيل، ليش ما بتستقيل إذا كنت مَنّك قادر تعمل شي تتساعدتنا؟".. نقز الرئيس من هذا الاستجواب غير المتوقّع، احمرّ وجهه، وقف، ودعّنا من دون غشاء العواطف الذي استقبلنا به، تمسّك بالوعد لكن مخففاً بعد أن نطقت يداه...!!